هل من الممكن أن تتحقق السعادة بالقسوة، أم بالدلال وتلبية كل رغبات أبنائنا؟ كيف نتعامل معهم، وأي الطرق نسلك كي نسعدهم ويسعدونا؟
- الضرب.. في قاموس التربية:
اختلف علماء التربية حول اللجوء إلى وسيلة الضرب في العملية التربوية، فمنهم من منعها ومنهم من سمح الضرب في منهجه التربوي كما انتهجته مدارس غربية وتحديداً في أمريكا وبريطانيا. وإن عدنا إلى خير وأعظم مرب، هو حبيبنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم واطلعنا على سيرة من تربى تحت كنفه وفي مدرسته النبوية الجليلة، لوجدنا أنه استخدم الشدة، فقد كان يعطي حتى يُشبع، ويَحرِم حتى يربي.
من جهة أخرى، يكتسب الطفل الذي يتربى على الدلال عادات سيئة، فهو مجاب الدعوات، تلبى رغباته وطلباته دائماً فيعتاد على ذلك، فإن سمع كلمة "لا" تهيج أعصابه ويتلفظ بألفاظ بذيئة تسيء لوالديه كأن يقول لأمه: أنت لا تحبينني، أنت تكرهينني، لماذا تفعلين ذلك بي؟ ولربما يصرح لزملائه بكرهه للجلوس مع أبيه أو أمه لأنه لا يطيق أن يسمع من أحدهما كلمة "لا"!.
هذا أسلوب خاطئ فإن تعود الابن على تلبية حاجاته ثم قلت له "لا" دون مقدمات أو أسباب تقنعه، فلن يعتاد عليها فليس له طاقة على الصبر، فيتمرد على أبويه.
والتمسك بالقوة الدائمة لا يصلح، والتمسك بالدلال الدائم لا يصلح أيضاً.
متى نضرب أبناءنا
هناك مواقف توجب الضرب، فإن كان الطفل ممسكا سكينا أو مقصا بغرض إيذاء أخيه فلابد من استخدام العقوبة لننتهي مباشرة من المشكلة بسلام، أو إن كان يرمي الأطفال بالحجارة فيجب أن يضرب أمام الأبناء كي لا يعتاد على العنف.
ويجب أيضاً استخدام الشدة والقسوة إن سمعنا أحد الأبناء يشهر بالدين ويسيء إليه وإلى الرسول أو أحد الصحابة، في هذه الحالة، لا يمكن أن نسكت أبدا بل نوجب العقار والتأنيب.
والعقاب لا يقتصر على الضرب فقط، وإنما على الزجر والتأنيب والحرمان فهناك أبناء لا يكون الضرب رادعا لهم، فيحرم من المصروف مثلا أو من الخروج من المنزل أو يعاقب بالقسوة معه في الحوار.
الوسطية:
أحيانا كثيرة، يقسو الآباء على أبنائهم دون إدراك منهم أنهم يسيئون التصرف، فدوام الحرمان قسوة، ومحاسبة الابن على كل صغيرة وكبيرة ( هل نظفت أسنانك- لماذا تجلس هكذا- كُل بيمينك- إلى أين أنت ذاهب ومتى ستأتي- ماذا فعلت.. الخ) هذا الأسلوب في الحوار يشعر الابن أنه مراقب ومحاسب على كل حركة بل ويلغي الخصوصية من حياة الابن فمن القسوة منع الحرية.
ترك الابن أيضا دون رقابة ( يعتدي – يشتم – يضرب) دون تأنيب أو زجر فذاك دلال مذموم.
فدوام الحرمان قسوة، ودوام الترك دلال، والخير في التوسط والاعتدال بينهما.
اختر الحوار السليم:
لكي لا يشعر الابن بأنه مراقب ومقيد في حركاته ويغلق جهاز النقال تحاشيا لمكالمة الأب أو الأم، يجب اختيار الأسلوب المناسب لمحاورته كي يشعر بالأمان والثقة فمثلا لتقل له: يا ولدي إلى أين ذاهب؟ كلمني عندما ستأتي بارك الله فيك، وإن انتقلت إلى مكان آخر لا تنسى أن تتصل بي.
فالقسوة تعني سلب حرية الابن بأي عقوبة كانت.
والدلال يعني: ترك الحرية له في كل شيء، وفي هذا وذاك قتل للسعادة الأسرية.
الفرق بين الإخبار والاستئذان:
عزيزي المربي: عود ابنك على آداب الاستئذان، فلا تعوده أن يقول لك: أنا ذاهب إلى زميلي أو إلى أي مكان آخر فهو يقولها كي يعلمك بالأمر فقط، فلا يستشيرك ويطلب الإذن بالخروج بل الأكمل أن يقول: " أستأذنك يا والدي بالخروج- لو سمحت لي أن أخرج – هل من الممكن أن أذهب اليوم إلى زميلي"..
اعلم أيها المربي الفاضل، أن الأب الناجح هو الذي يربي الابن على كلمة " نعم" والتعود على كلمة " لا" وتقبلها بنفس طيبة، وهو من يعود ابنه على الأدب في الحوار واحترام الآخرين.
فلتثمر خيرا.. في بيئة صالحة.